27 - 07 - 2024

إيقاع مختلف | لوركا.... الموت شعرا

إيقاع مختلف | لوركا.... الموت شعرا

(أرشيف المشهد)

13-1-2015 | 19:46

" حين أموت ..اتركوا الشرفة مفتوحة .. الطفل يأكل البرتقال -من شرفتي أراه - .. الحصّاد يحصد القمح - من شرفتي أحس به-  .. حين أموت ... اتركوا الشرفة".

إذا كان لكل أمة شاعرها الذى تتجسد فى إبداعه شخصيتها، وتبدو فى كلماته قسماتها المميزة، فإن لوركا هو شاعر إسبانيا بلا منازع، أو على الأقل هو هكذا بالنسبة لنا نحن العرب الذين عشقنا صوته الشعرى المميز، كما عشقنا الحس الأندلسى الذى يجرى فى دمائه، إلى حد أن كثيرين منا راحوا يبحثون فى جذوره عن أصول عربية عريقة.

لوركا صوت الحرية الذى فشل الطاغية فرانكو فى أن يسكته، فعمد إلى صاحب الصوت فقتله، أملاً فى أن يخبو الصوت، فما كان من كلماته إلا أن تحولت إلى لعنة تطارد الطغاة فى كل زمان ومكان، وتبارك الأحرار فى كل زمان ومكان.

لوركا هو هذا الشاعر المناضل الذى عاش الحياة بشاعريته المدهشة، حتى آخر لحظة فيها، حين نظر إلى رجال الطاغية الذين اقتادوه ليقتلوه قائلاً لقاتله : "أتقتلنى فى مثل هذه الليلة المقمرة؟!".

ولأن فى مواجهة كل طموح إلى الحرية يقبع جبل من الطغيان، فإنك لكى تعرف لوركا لابد أن تعرف فرانكو طاغية إسبانيا وقائد ثورتها المضادة الذى نجح في عبور مضيق جبل طارق على رأس أربع فرق عسكرية، مؤكداً أن لديه فى الداخل الإسبانى "طابوراً خامساً" يضاف إلى فرقه الأربع، لينحت لنا هذا المصطلح الكريه، الذى أصبح دائما يشير إلى الجاسوسية والخيانة وطعن الوطن فى الظهر.

كان مولد فيدريكو غارسيا لوركا فى إسبانيا الأندلسية، حيث ولد فى غرناطة، لذلك ينظر إليه الكثيرون باعتباره شاعراً إسبانياً بنكهة شرقية تسربت إلى روحه الشعرية من جذور العرب في الأندلس، ليتحول إلى صوت إسبانيا كلها الطامح إلى الحرية، المناهض للقهر والظلم والطغيان.

ليس لي  صدر من زجاج 

ويؤلمني لحم القلب  ولحم الروح 

وعند الكلام ،  تطفو كلماتي في الهواء 

مثل قطع الفلين فوق الماء

من أجل عينيك وحدهما أعاني هذا الألم

أصبع كرمة وشعاع شمس

يشيران إلى موضع قلبى

هكذا كان لوركا يغنى، وهكذا كان قلبه ولحمه ودمه وكيانه كله يصبح جزءا من غنائه الموجع، وكأنه أبى لحياته إلا أن تكتمل دراميتها الشعرية، حين أبى أن يهادن، أو يملىء ، أو يراوغ، وأبى إلا أن يظل صوته صداحاً بكلماته التى توقظ الشوق إلى الحرية فى قلوب العالمين.

مقالات اخرى للكاتب

جِيل من الصور الطلِيقَة